الاجتهاد والعلوم الإنسانیّة -قراءة منهجیّة فی إشکالیّة العلاقة-
أ.د. الشیخ محمد شقیر[1]
خلاصة:
فی مجال البحث عن طبیعة العلاقة القائمة بین العلوم الإنسانیّة وتطوّرها من جهة، والاجتهاد من جهة أخرى؛ تُطرَح مجموعة من الأسئلة؛ مفادها: ما الأثر الذی تترکه هذه العلوم على الاجتهاد وحرکته، عندما تبادر إلى إنتاج رؤى ونظریّات مختلفة، ترتبط بالشّأن الدّینیّ من قریب أو بعید؟ وهل یمکن أن یکون سیر العلوم الإنسانیّة أمراً مفیداً ومحفّزاً للاجتهاد وإنتاجیّته؟ وکیف یمکن أن یستفید الاجتهاد من تطوّر تلک العلوم، بما یجنّبه أکثر من إسقاط معرفیّ یمکن أن یمارَس فی هذا السّیاق؟
وقدظهرت نظریّتان أساسیّتان فی بیان العلاقة بین العلوم الإنسانیّة والاجتهاد: الأولى منهما تنظر إلیها على أنّها علاقة قطیعة وتباین، بینما تنظر الأخرى إلیها على أنّها علاقة تفاعل وتواصل، وتتعاطى معها إمّا وفق منهجیّة إسقاطیّة، وإمّا وفق منهجیّة استنطاقیّة ترتکز على بعدین: الأوّل یتّصل بعلم کلام النّصّ (ما هی انتظاراتنا من دلالات النّصّ الدّینیّ ومعانیه؟ ما هو اعتقادنا فیما یرتبط بالمخزون المعرفیّ للنّصّ الدّینیّ ودلالاته المعرفیّة؟ وهل یحتوی ذلک النّصّ على جمیع تلک الرؤى والأفکار التی ترتبط بمجمل أبعاد الإنسان الاجتماعیّة وغیر الاجتماعیّة؛ بما یتّصل بهدایته العامّة وسعادته فی الدّارین أم لا یحتوی على ذلک؟)، والآخر یتّصل بعلم کلام الاجتهاد (ثلاثیّة: المجتهد/ النّصّ/ المنهج).
والمطلوب فی مجال التفاعل المعرفیّ بین الاجتهاد من جهة والعلوم الإنسانیّة من جهة أخرى؛ هو تحویل معطیات العلوم الإنسانیّة ونتاجاتها إلى معاول معرفیّة، تسهم فی الحفر فی بطون النّصّ الدّینیّ وطبقاته المعرفیّة، وهو یمکن أن یحصل بمعزلٍ عن أیّ اعتبار آخر، معرفیّاً کان أم غیر معرفیّ؛ لأنّ المهمّ هو صناعة تلک المعاول الفکریّة بشکل علمیّ وتوظیفها بشکلٍ موضوعیّ، من دون ممارسة أیّ هیمنة فکریّة، أو إسقاط معرفیّ، أو توظیف أیدیولوجیّ. ویبقى على الفقیه المجتهد أن یمتلک من الحصانة الفکریّة، ومن الأدوات المنهجیّة، ومن القدرات العلمیّة والثقافیّة والنفسیّة، ما یحصّنه من أیّ هیمنة فکریّة، قد تمارس بحقّه، ویحمیه من جمیع المحاذیر المعرفیّة والفکریّة؛ عبر مجموعة من المحدّدات والضوابط المنهجیّة.
مصطلحات مفتاحیّة:
الاجتهاد، العلوم الإنسانیّة، النصّ الدینیّ، المنهجیّة الإسقاطیّة، المنهجیّة الاستنطاقیّة، علم کلام النصّ، علم کلام الاجتهاد، العلم-إنسانیّ، الاجتهاد الجماعی.
مقدّمة:
یبدو السّؤال مبرّراً عن طبیعة العلاقة بین العلوم الإنسانیّة وتطوّرها من جهة، والاجتهاد من جهة أخرى؛ باعتبار أنّ منهج الاجتهاد یعمد إلى الحفر فی طبقات النّصّ الدّینیّ، وما یحویه هذا النصّ من معارف ورؤى ذات علاقة بمختلف أبعاد الإنسان وشؤونه المعرفیّة، وما یتّصل بهدایته العامّة والخاصّة، وسعادته الأخرویّة والدّنیویّة.
من هنا، تُطرَح أسئلة على العلوم الإنسانیّة التی تقوم على مناهج مختلفة، مفادها: ما الأثر الذی تترکه هذه العلوم على الاجتهاد وحرکته، عندما تبادر إلى إنتاج رؤى ونظریّات مختلفة، ترتبط بالشّأن الدّینیّ من قریب أو بعید؟ وهل یمکن أن یکون سیر العلوم الإنسانیّة أمراً مفیداً ومحفّزاً للاجتهاد وإنتاجیّته؟ وکیف یمکن أن یستفید الاجتهاد من تطوّر تلک العلوم، بما یجنّبه أکثر من إسقاط معرفیّ یمکن أن یمارَس فی هذا السّیاق؟
أولاً: مفهوم الاجتهاد:
یعرَّف الاجتهاد بأنّه: "ملکة یُقتَدر بها على استنباط الأحکام الشّرعیّة"[2]. ویقال -أیضاً- فی تعریفه: إنّه ملکة یقتدر بها على استفراغ الوسع فی تحصیل الحکم الشّرعی، أو استفراغ الوسع فی تحصیل الحکم الشّرعی[3].
ویلاحظ على مجمل تعاریف الاجتهاد أنّها تجعل المجتَهَد فیه هو الحکم الشّرعی؛ أی إنّ هدف الاجتهاد هو الوصول إلى الحکم الشّرعی[4] فقط. ولعلّ هذا نابع من غلبة المنطق الفقهیّ على الاجتهاد، مع أنّنا لو قلنا إنّ هدف الاجتهاد الأساس هو الوصول إلى المعانی المتضمّنة فی مصادر التّشریع (النّصّ الدّینی) والکشف عن مراد ذلک النّصّ؛ فإنّ ما یحتویه ذلک النصّ سیکون أوسع من الحکم الشّرعی، فقد یکون حکماً شرعیّاً، وقد یکون رؤیة، أو نظریّة، أو سوى ذلک؛ فلماذا حصر الاجتهاد بالحکم الشّرعی؟!
ویمکن القول إنّ فعل الاجتهاد ونتاجه لیس مفصولاً عن الخلفیّة الفکریّة والمعرفیّة للمجتهد، فإن کانت تلک الخلفیّة محصورة فی الإطار الفقهیّ؛ فلا شکّ عندها فی أنّ اهتمامات ذلک المجتهد ونتاجه الاجتهادیّ سیکونان منسجمین مع تلک الخلفیّة. أمّا إذا کانت تلک الخلفیّة الفکریّة والمعرفیّة أوسع دائرة، وتشمل أبعاداً فکریّة تتّصل بالعلوم الإنسانیّة ونظریّاتها؛ فمن الطّبیعی عندها أن نرى اهتمامات المجتهد ونتاجه الاجتهادیّ شاملین لتلک العلوم، وما جاءت به من رؤى ونظریّات وغیرها.
ثانیاً: العلاقة بین العلوم الإنسانیّة والاجتهاد:
ظهرت نظریّتان أساسیّتان فی بیان العلاقة بین العلوم الإنسانیّة والاجتهاد: الأولى منهما تنظر إلیها على أنّها علاقة قطیعة وتباین، بینما تنظر الأخرى إلیها على أنّها علاقة تفاعل وتواصل.
1. النّظریّة الأولى: التباین بین الاجتهاد والعلوم الإنسانیّة:
یشترک فی هذه النّظریّة فئتان: فئة من الاتّجاه الدّینیّ، وأخرى من الاتّجاه العلمانیّ، وإن اختلفت خلفیّات کلّ فئة ومنطلقاتها عن الفئة الأخرى.
أمّا تلک الفئة التی تنتمی إلى الاتّجاه الدّینیّ، فهی ترى فی الاجتهاد هدف الوصول إلى الحکم الشّرعیّ فی أقسامه المختلفة -فقط-، ولا ترى فیه آلیّة لصناعة الرؤى وإنتاج النّظریّات ذات الصّلة؛ وبالتالی سوف تنظر إلى عدم وجود علاقة بین الاجتهاد والعلوم الإنسانیّة. ومع غضّ النّظر عن الأسباب الّتی أدّت إلى حصر تلک الفئة لهدف الاجتهاد ووظیفته فی تحصیل الحکم الشّرعی[5]؛ سواء أکانت أسباباً معرفیّة، أم کانت أسباباً تاریخیّة، فهی فی نهایة المطاف قد مارست هذا الفصل بین الاجتهاد والعلوم الإنسانیّة.
وأغلب الظنّ أنّ مجمل الأسباب الّتی قادتها إلى تکریس هذا الفصل هی أسباب تاریخیّة، کانت نتیجة عوامل اجتماعیّة وسیاسیّة فی حینها، لکنّها استمرّت لفترات طویلة من الزّمن؛ ما أدّى إلى تکریس اتّجاه معرفیّ-دینیّ یقوم على الفصل بین الاجتهاد والعلوم الإنسانیّة، وإلاّ فإنّ البحث العلمیّ فی مرتکزات الاجتهاد وفلسفته ووظیفته، یوصل إلى ما هو أوسع من الحکم الشّرعیّ، بما یشمل مختلف أبعاد الإنسان وحیاته، وفی مختلف مجالاتها الاجتماعیّة والسّیاسیّة والاقتصادیّة وغیرها. وما یشهد على ذلک أنّ العدید من الباحثین الّذین یرون فی وظیفة الاجتهاد تحصیل الحکم الشّرعی، یوسّعون -بهدف معالجة تلک القضیّة- دائرة الحکم الشّرعیّ والوظائف الشّرعیّة، لتشمل مختلف الأبعاد السّیاسیّة والاجتماعیّة وغیرها[6].
وعلیه؛ یمکن القول إنّ ابتعاد المؤسّسة الدّینیّة والتّجربة الإسلامیّة الأصیلة عن التّصدّی لشؤون الاجتماع العامّ لمدّة طویلة من الزّمن، وغلبة الملک العضوض على الحکم والمجتمع؛ کلّ ذلک قد أدّى إلى جملة من النّتائج، سواء على المستوى النّظریّ والمعرفیّ، أم على مستوى الاجتماع العامّ. وواحدة من تلک النّتائج هی أنّ الاجتهاد، الّذی کان شاملاً لمختلف أبعاد الإنسان الفردیّة والاجتماعیّة قد أصبح محصوراً -إلى حدٍّ بعید- فی الإطار الفردیّ، وابتعد عن الإطار الفکریّ والرّؤیویّ، وعن العدید من مجالات الاجتماع العامّ ومیادینه.
ولذلک؛ عندما عادت التّجربة الإسلامیّة حدیثاً إلى أخذ دورها فی الاجتماع العامّ، بدأنا نشهد تحوّلاً فی الوظیفة العملیّة للاجتهاد، فأخذ یرتقی فی وظائفه، متجاوزاً الاجتهاد الفردیّ إلى الاجتهاد الاجتماعیّ، والاجتهاد الحکمیّ (من الحکم) إلى الاجتهاد الرّؤیویّ والنّظریّ، مبدعاً العدید من الرؤى والنّظریّات ذات العلاقة بمختلف شؤون الدّولة والمجتمع؛ بناء على أدواته المعرفیّة ومنهجه الخاصّ[7].
وأمّا تلک الفئة التی تنتمی إلى الاتّجاه العلمانیّ، فإنّها -انسجاماً مع مرتکزاتها الفکریّة- ترى الفصل بین الاجتهاد والعلوم الإنسانیّة أمراً طبیعیّاً؛ لأنّها عندما تفصل بین الدّین والدّولة، أو بین الدّین والاجتماع العامّ، سیکون الدّین فی أحسن حالاته محصوراً فی الشّأن الفردیّ؛ وعندها لن یکون للدّین -حسب رأیها- أیّ علاقة بمجمل تلک العلوم التی تعنى بالشّأن العامّ والاجتماع الإنسانیّ.
وإذا کان الاجتهاد هو القوّة المحرّکة للمعرفة الدّینیّة، وتطویر تلک المعرفة وتجدیدها، وکان جزءاً من المنظومة الدّینیّة؛ فعندها سیکون من المنطقیّ -بناءً على رأی تلک الفئة- عدم وجود علاقة بین الاجتهاد ومجمل العلوم الإنسانیّة ذات الصّلة بالاجتماع العامّ.
2. النّظریّة الثّانیة: التّواصل بین الاجتهاد والعلوم الإنسانیّة:
تتبنّى هذه النّظریّة فئتان: الأولى من الاتّجاه الدّینی، حیث ترى أنّ النّصّ الدّینیّ یحتوی على مضامین ودلالات، ینبغی العمل على الوصول إلیها، من خلال فعل الاجتهاد ومنهجیّته.
والفئة الثانیة من الاتّجاه العلمانیّ أو غیر العلمانیّ، ممّن لا یرى فی النّصّ الدّینی ذلک المخزون المعرفیّ، وإنْ أمکن أن یکون هناک وصل ما بین ذلک النّص، وبین أکثر من بعد فکریّ-إنسانیّ، لکنّه وصل یختلف عمّا تذهب إلیه تلک الفئة من الاتّجاه الدّینیّ.
ومن هنا؛ أمکن الذهاب إلى منهجیّتین مختلفتین فی العلاقة ما بین النّصّ والاجتهاد فیه من جهة، والعلوم الإنسانیّة من جهة أخرى؛ هما: المنهجیّة الإسقاطیّة، والمنهجیّة الاستنطاقیّة.
أ. المنهجیّة الإسقاطیّة:
یشترک فی هذه المنهجیّة فئتان: أما الأولى فترى فی النّصّ الدّینیّ (قرآن/ سنّة) اشتمالاً فی دلالاته ومعانیه على مجمل الرؤى والأطروحات المرتبطة بمختلف أبعاد الإنسان والاجتماع العامّ، من دون تعدّی حدود الدّلالات المقتضبة والجزئیّة، التی قد تحتاج إلى إعمال مناهج التّأویل المختلفة، حتّى یمکن تکوین دلالة ما فی هذا الإطار الإنسانیّ أو ذاک.
وبناءً على ما تذهب إلیه هذه الفئة؛ فعندما یتمّ وصل نتاج العلوم الإنسانیّة بالنّصّ الدّینیّ، فإنّ ما یحصل عندها هو إسقاط ذلک النّتاج على ذاک النّصّ، حیث یتمّ إلباس تلک الآراء والنّظریّات التی أنتجتها تلک العلوم للنّصّ الدّینی، ویتمّ تحمیل دلالة النّصّ تلک الأفکار والنّظریّات، بشکل یشوبه کثیر من ممارسة التّعسّف الدّلالیّ؛ سواء أکان الهدف إکساب تلک الأفکار والنّظریّات نوعاً من المشروعیّة الدّینیّة، أم کان الهدف إبراز احتواء ذلک النّصّ على شیء من تلک الأفکار والنّظریّات أو أصولها.
وأما الفئة الثّانیة فترى فی النّصّ الدّینی اشتماله على مجمل الدّلالات التی ترتبط بمختلف أبعاد الإنسان واجتماعه العامّ، لکنّها قد تفتقر إلى المنهج المساعد على تکوین تلک الدّلالات بشکل منهجیّ وسلیم، أو قد تخلّ ببعض الشّروط التی تفضی إلى إعمال ذلک المنهج بشکل علمیّ وموضوعیّ؛ بعیداً عن أیّ میول أو تأثّر غیر سویّ.
ب. المنهجیّة الاستنطاقیّة:
تذهب هذه المنهجیّة إلى أنّ النّصّ الدّینیّ یحتوی تلک المعانی والدّلالات التی ترتبط بمختلف أبعاد الإنسان واجتماعه العامّ، وأنّ وظیفة الاجتهاد هی العمل على استخراج تلک الدّلالات والمعانی من خلال إعمال المنهج الاجتهادیّ الصّحیح، ومراعاة مختلف شروطه العلمیّة والموضوعیّة.
وترتکز هذه المنهجیّة على بعدین: الأوّل یتّصل بعلم کلام النّصّ، والآخر یتّصل بعلم کلام الاجتهاد.
ولتوضیح المسألة، نتحدّث بشیء من الاختصار عن کلٍّ من البعدین.
- علم کلام النّصّ:
یدور البحث هنا حول السّؤال الآتی: ما هی انتظاراتنا من دلالات النّصّ الدّینیّ ومعانیه؟
یرتکز هذا السّؤال بدوره على سؤال آخر، مفاده: ما هو اعتقادنا فیما یرتبط بالمخزون المعرفیّ للنّصّ الدّینیّ ودلالاته المعرفیّة؟ وهل یحتوی ذلک النّصّ على جمیع تلک الرؤى والأفکار التی ترتبط بمجمل أبعاد الإنسان الاجتماعیّة وغیر الاجتماعیّة؛ بما یتّصل بهدایته العامّة وسعادته فی الدّارین (الدّنیا والآخرة)، أم لا یحتوی على ذلک؟
قد لا تکون ثمّة حاجة لاستعراض کثیر من الأدلّة فی هذا الإطار، ویکفی أن نورِد بعض ما جاء فی القرآن الکریم والسنّة الشریفة: قال -تعالى-: {تبیاناً لکلّ شیء}[8]، {ولا رطب ولا یابس إلّا فی کتاب مبین}[9]، وورد عن الإمام الصّادق (ع) أنّه قال: "ما من شیء إلاّ وفیه کتاب أو سنّة"[10].
یستفاد من هذه النّصوص وغیرها أنّ القرآن الکریم والسنّة الشریفة یبیّنان کلّ ما یحتاج إلیه الإنسان، بما یتّصل بهدایته العامّة والخاصّة فی مجمل الأمور الاعتقادیّة والمعنویّة، الاجتماعیّة والتّشریعیّة، وفی مختلف المجالات والمیادین.
- علم کلام الاجتهاد:
إنّ الجهد البشریّ قادر على الوصول إلى جملة من المعارف الدّینیّة الحقّة، التی تتّصل بالحاجات الإنسانیّة فی عصر الغیبة، ولیس کلّ المعارف؛ وذلک إذا ما استقاها من المصادر الحقّة (القرآن/ السنّة)، واعتمد المنهجیّة الصّحیحة فی الاستنباط، وراعى الشّروط التی تساعد على شمول الهدایة الإلهیّة لذلک الاجتهاد. وهذا لا یتنافى مع فلسفة وجود الإمام المعصوم (ع) ووظائف تلک الإمامة. ومن هنا ینبثق دور العلوم الإنسانیّة فی استنطاق النّصّ.
ولا شکّ فی أنّ العلوم الإنسانیّة فی مختلف فروعها تنهج سیراً دائماً، وتشهد بین الفینة والأخرى أکثر من مخاض أو تموّج فی حرکتها، وهی فی أثناء ذلک تلقی بأکثر من نتاج؛ من نظریّات تتوصّل إلیها، أو آراء وأفکار تمّت بلورتها، وانتهى إلیها ذلک المسار المعرفیّ لتلک العلوم.
إنّ تلک العلوم لا تنهج منهجاً واحداً، ولا تتّفق فیما بینها فی کثیر من تلک الأفکار والنّظریّات، وقد تتأثّر بعوامل مختلفة معرفیّة وغیر معرفیّة، تسهم فی صناعة توجّهات تلک العلوم ومساراتها وحرکتها؛ بل والتّأثیر الفعّال فی کثیر من نتاجها ومعطیاته. وهی وفق ذلک تثیر کثیراً من الإشکالیّات والأسئلة أمام الدّین ونصّه؛ لأنّ بعضاً من تلک الأسئلة یرتبط بمسلّمات ومعتقدات دینیّة، کما إنّ بعضاً منها یرتبط بمجموعة من الرّؤى والأفکار، التی یُنتَظر من الدّین تقدیم إجابات علیها، فی ما یتّصل بالاجتماع العامّ وقضایا إنسانیّة مختلفة.
وعلیه، لا یمکن للدّین أن یبقى مکتوف الأیدی أمام تلک الأسئلة والإشکالیّات؛ لأنّ الاعتقاد السّائد -تبعاً لعلم کلام النّصّ الدّینیّ- أنّه معنیٌّ بتقدیم إجابات على تلک الأسئلة والإشکالیّات، وهو سوف یکون أمام تحدّی تقدیم تلک الإجابات، بطریقة یظهر فیها قدرته المنهجیّة، واستقلالیّته المعرفیّة، وأصالته العلمیّة، ومدى قابلیّته لإنتاج رؤى تنسجم مع أصوله المعرفیّة، ومرتکزاته الاعتقادیّة، وتکون قادرة فی المیدان العملیّ على تقدیم حلول لمجمل المشکلات الاجتماعیّة، والقضایا المطروحة. من هنا یأتی دور الاجتهاد؛ لکن کیف یترجم ذلک الدّور؟
الجواب یکمن فی أنّ الدور المحوریّ فی ثلاثی عناصر الاجتهاد (المجتهد/ النّصّ/ المنهج) هو للعنصر الأوّل؛ أی المجتهد، بما هو عامل حیویّ وفاعل، یوظّف المنهج فی استنطاق النّصّ والحفر فیه.
وعلیه، فبمقدار ما یمتلک هذا العنصر من قدرات ودینامیّات، محفّزة على ممارسة الاجتهاد؛ بمقدار ما یدفع هذا الأمر إلى مراجعة النّصّ الدّینیّ، وسؤاله، واستنطاقه، والغوص فی دلالاته، واستکشاف معانیه، فی محاولة لتکوین تلک الرؤى والنّظریّات، التی تجیب على الأسئلة التی جاءت بها تلک العلوم الإنسانیّة ومعطیاتها المستجدّة.
إنّ سیر العلوم الإنسانیّة، وما یفضی إلیه من نظریّات وأفکار مختلفة فی الاجتماع، والاقتصاد، والسیاسة، وعلم النّفس، وسوى ذلک من مجالات العلوم الإنسانیّة؛ یستولد أسئلة وتحدّیات، تمارس إلحاحاً معرفیّاً على الفقیه المجتهد، لمعاودة استنطاق النّصّ، والبحث فی أغواره. وهی بمقدار ما تحفّز ذلک المجتهد، وتدفعه لإعمال أدواته المنهجیّة فی النّصّ؛ بمقدار ما یتوقّع عندها الحصول على نتاج معرفیّ-دینیّ، یعنى بالشّأن الإنسانیّ العامّ فی اجتماعه، واقتصاده، وسیاسته، وغیرها.
ثالثاً: المجتهد وذهنیّة الاجتهاد:
إنّ تأثیر کلٍّ من ذهنیّة المجتهد، وخلفیّته الفکریّة والمعرفیّة، وبیئته الاجتماعیّة والثّقافیّة، فی عملیّة الاجتهاد ونتاجها، یبدو من الواضحات، على الأقلّ لدى بعض المفکّرین الإسلامیّین الذین اعتنوا بهذا المجال؛ ما یستدعی النّظر فی تلک الذّهنیّة وتکوینها، وفی الخلفیّة الفکریّة وعناصرها؛ لأنّ ذهنیّة ما، قد تمتلک من الرؤى والسعة والإمکانیّات والحافزیّة... ما یدفعها إلى العنایة بتلک الأسئلة والإشکالیّات، فی محاولة منها لتقدیم الإجابات والحلول والنّظریّات المناسبة.
وفی المقابل قد تجد ذهنیّة ما تفتقر إلى ما سلف، وترى نفسها غیر معنیّة بهذا النّوع من الأسئلة والإشکالیّات، أو غیر قادرة على تقدیم الإجابات والحلول المفترضة، أو تفتقد إلى الأدوات المنهجیّة المساعدة على ذلک. وفی جمیع هذه الأحوال، لن نجد هذا الفقیه فی میدان ذلک الإنتاج الفکریّ والمعرفیّ.
ألا یستدعی ما تقدّم توجیه فئة من المجتهدین إلى ذلک المیدان المعرفیّ؛ لممارسة نوع مختلف من الاجتهاد، وتزویدهم بما یتطلّبه ذلک من أدوات منهجیّة إضافیّة، ومعارف مختلفة، وآلیّات عمل اجتهادیّ متطوّرة، ما یساعد على نوع من الاجتهاد الفکریّ والعلم-إنسانیّ، یلبّی تلک الحاجات المعرفیّة بشکل منهجیّ، ومتکامل، وأصیل فی الآن نفسه؟
رابعاً: العلوم الإنسانیّة ومرجعیّاتها الغربیّة:
قد یُقال إنّ العلوم الإنسانیّة فی مجملها تقوم على مرجعیّات معرفیّة غربیّة، وإنّ المنهج الحاکم فیها إلى حدٍّ بعید هو المنهج التّجریبی، کما إنّ تکوّن تلک العلوم ونموّها قد حصل فی بیئة مختلفة اجتماعیّاً وثقافیّاً وفکریّاً؛ وبالتّالی، کیف یمکن أن نعوّل على تلک العلوم فی تحفیز الاجتهاد، وتحریک دینامیّاته؛ للعمل على إنتاج المعارف والنّظریّات، التی تجیب عن أسئلة تلک العلوم وإشکالیّاتها، بطریقة أصیلة، تحاکی مضامین النّصّ الدّینیّ، ومخزونه المعرفیّ؟
والجواب عن هذا السّؤال، یکمن فی أنّ دور تلک العلوم فی تحفیز العقل الاجتهادیّ، وتحریک دینامیّات الاجتهاد، نحو استنطاق النّصّ وسبر أغواره؛ إنّما یحصل بمعزل عن أیّ خلفیّة فکریّة، أو مرجعیّة معرفیّة، أو بیئة اجتماعیّة وثقافیّة، نشأت فیها تلک العلوم، وترعرعت فی أحضانها. نعم؛ یبقى من الأهمّیّة بمکان للفقیه المجتهد أن یکون على درایة بمجمل ما یتّصل بتلک العلوم؛ والسّبب فی ذلک أنّ العبرة إنّما هی فی تحویل معطیات أیّ نتاج إنسانیّ إلى أسئلة، تعمل على استخراج ما فی بطون النّصّ والحفر فی طبقاته، من خلال آلیّات الاجتهاد وأدواته؛ فالمهمّ هو الوصول إلى تلک الأسئلة والإشکالیّات، وتوجیهها إلى المنظومة المعرفیّة الدّینیّة، وإلقاؤها فی الحقل الدّینیّ، حتّى یتمّ استنبات الإجابات الملائمة، بمعزل عن أیّ معطیات أخرى تتّصل بالخلفیّة الفکریّة، أو المرجعیّة المعرفیّة، أو البیئة الاجتماعیّة وغیرها من المعطیات.
إنّ المطلوب فی هذا الحال هو تحویل معطیات العلوم الإنسانیّة ونتاجاتها إلى معاول معرفیّة، تسهم فی الحفر فی بطون النّصّ الدّینیّ وطبقاته المعرفیّة، وهو یمکن أن یحصل بمعزلٍ عن أیّ اعتبار آخر، معرفیّاً کان أم غیر معرفیّ؛ لأنّ المهمّ هو صناعة تلک المعاول الفکریّة بشکل علمیّ وتوظیفها بشکلٍ موضوعیّ، من دون ممارسة أیّ هیمنة فکریّة، أو إسقاط معرفیّ، أو توظیف أیدیولوجیّ.
ویبقى على الفقیه المجتهد أن یمتلک من الحصانة الفکریّة، ومن الأدوات المنهجیّة، ومن القدرات العلمیّة والثقافیّة والنفسیّة، ما یحصّنه من أیّ هیمنة فکریّة، قد تمارس بحقّه، ویحمیه من جمیع المحاذیر المعرفیّة والفکریّة التی ذکرناها آنفاً.
وعلیه، فإنّ من الممکن الاستفادة من نتاج العلوم الإنسانیّة، والاحتراز فی المقابل من مجمل المحاذیر التی ذکرناها، وذلک عبر الآتی:
1. دراسة نتاج العلوم الإنسانیّة ونظریّاتها، ضمن سیاقاتها الفکریّة والتّاریخیّة والاجتماعیّة، وبناءً على مرجعیّاتها المعرفیّة والفلسفیّة، والأخذ بعین الاعتبار جمیع العناصر الدّخیلة فی ذلک.
2. وضع جمیع معطیات تلک العلوم ونتائجها -من رؤى، وأفکار، ونظریّات- تحت مجهر النّقد الفکریّ والمساءلة المعرفیّة، على أن یمارس ذلک النّقد والمساءلة بشکل علمیّ وموضوعیّ، بعیداً عن أیّ انبهار أو تقلید أعمى.
3. توفیر جمیع عوامل الحصانة الفکریّة والنّفسیّة والتّربویّة، وفی الوقت نفسه الموضوعیّة والعلمیّة، حتّى لا یُتأثّر بأیّ معطى فکریّ أو یُرفض من دون مبرّر علمیّ؛ نتیجة الافتقاد إلى أیّ من تلک العوامل المذکورة.
4. العمل المنهجیّ على تحویل ذلک النّتاج ومعطیاته إلى أسئلة، توظَّف فی استنطاق النّصّ، واستخراج ما فی بطونه، خاصّة عندما تمارس هذه العملیّة بشکل موضوعیّ وعلمیّ، بعیداً عن أیّ تأثیرات مضلّلة.
5. ممارسة الاجتهاد الجماعیّ، من خلال مجموعة من المجتهدین والعلماء والمفکّرین، یتعاونون فی ما بینهم، ویعملون بشکل فریق، ضمن آلیّات وطرق محدّدة، للوصول إلى نتائج مشترکة فی هذا المجال.
6. تطویر منهج الاجتهاد وأدواته، بما یلحظ هذا النّوع المختلف من الاجتهاد، على مستوى الهدف، والکیفیّة (الطّرائق والآلیّات)، والنّتائج التی یمکن التّوصّل إلیها، بما هو نمط فکریّ من الاجتهاد، لا ینفصم عن أصول الاجتهاد وأساسیّاته.
7. العمل على تفعیل هذا النّوع من الاجتهاد، وتوسیع مدیاته إلى مجمل العلوم الإنسانیّة؛ إذ یمکن القول بوجود بدایات لهذا النّوع من الاجتهاد، لکنّه یحتاج إلى التّفعیل والتّعمیق. کما ینبغی مأسسة ذلک الاجتهاد، لتشمل مدیاته تلک العلوم الإنسانیّة، التی لم یقاربها إلى حدّ الآن، مع عدم الاقتصار على تلک المحاولات الجادّة التی قام بها بعض العلماء والمفکّرین فی حقول اقتصادیّة أو اجتماعیّة محدّدة.
خاتمة:
نخلص من مجمل ما تقدّم، إلى إمکانیّة إقامة علاقة تفاعلیّة جدلیّة بین الاجتهاد- بما هو أداة فاعلة فی استخراج معارف النّصّ الدینیّ- وبین العلوم الإنسانیّة؛ حیث یمکن لهذه العلوم - بمعزل عن مرجعیّاتها المعرفیّة وبیئتها الفکریّة- أن تسهم من خلال نتاجها، وجمیع معطیاته، فی تحریک عجلة الاجتهاد، وتحفیز عقل المجتهد، للإجابة على مجمل الأسئلة والإشکالیّات التی تطرح، والخوض فی تلک المجالات الفکریّة والإنسانیّة التی ولجت فیها؛ بما یؤدّی إلى توظیف جمیع القدرات الاجتهادیّة، وأدوات المنهج الاجتهادیّ، فی إنتاج نظریّات ورؤى ومعارف إنسانیّة، تقوم على المرجعیّات الدّینیّة، وتستنبط من النّصّ الدّینی، بما یعنیه هذا الأمر من:
- أصالة فی الصّناعة الفکریّة والعلمیّة[11].
- استقلالیّة فی الإنتاج العلم-إنسانیّ.
- فرصة فی تطویر الذّات المعرفیّة والفکریّة.
- تحفیز العقل الاجتهادیّ؛ بهدف تطویر الأدوات والقدرات المنهجیّة التی یمتلکها.
- الاستفادة من مجمل النّتاج الإنسانیّ فی تحقیق ما تقدّم.
- مواءمة ذلک النّتاج الفکریّ لحاجات البیئة الاجتماعیّة والثّقافیّة وفرادتها؛ بمعنى أن لا یکون غریباً عنها، أو مجافیاً لخصوصیّاتها.
- إسهام هذا النّتاج فی تطویر مسارات أصیلة من العلوم الإنسانیّة، وصناعة أنموذج مختلف من تلک العلوم[12]، من خلال علاقة جدلیّة تفاعلیّة بین النّصّ الدّینیّ ونتاجه من جهة، ومختلف العلوم الإنسانیّة من جهة أخرى.
وتوضیح ذلک: کما یحفّز نتاج العلوم الإنسانیّة -من المرجعیّات المختلفة- الاجتهادَ للحفر فی النّصّ الدّینیّ، وإنتاج أفکار ورؤى ونظریّات علم-إنسانیّة؛ فإنّه -فی المقابل- یسهم فی تشجیع مناهج العلوم الإنسانیّة، ومدارسها، ومؤسّساتها المختلفة، على الاستجابة للتّحدّیات والإشکالیّات التی یثیرها ذلک الإنتاج الجدید، الذی قام بناءً على تلک المرجعیّات الفکریّة الدّینیّة.
وهذا ما یؤدّی إلى إیجاد علاقة تفاعلیّة وجدل فکریّ مستدیم بین الاجتهاد ونتاجه من جهة، وبین العلوم الإنسانیّة ومختلف فروعها من جهة أخرى؛ بما یخدم تطوّر تلک العلوم، والاستجابة المستدامة لحاجات الإنسان الفکریّة والاجتماعیّة، والإسهام -بشکلٍ أو بآخر- فی تأصیل تلک العلوم، وسوقها إلى التّماهی مع الحاجات الفطریّة للإنسان، وحقیقته الإنسانیّة التی خلقها الله تعالى فیه، وأودعها فی جنباته ومطاوی فطرته.
وأمّا أهمّ التّوصیات فی هذا الشّأن فهی الآتیة:
1. ضرورة التفات المؤسّسة الاجتهادیّة إلى حقیقة تلک العلاقة الجدلیّة بین الاجتهاد والعلوم الإنسانیّة.
2. التّرکیز على کیفیّة الاستفادة من نتاج العلوم الإنسانیّة فی تحفیز الاجتهاد والعقل الاجتهادیّ.
3. العمل على التّواصل المستدیم للفقیه والمؤسّسة الاجتهادیّة مع سیر العلوم الإنسانیّة، ونتاجاتها المختلفة، والاطّلاع الفعّال علیه.
4. العمل على تحویل أیّ معطى جدید للعلوم الإنسانیّة إلى سؤال معولیّ (من المعول)، یوظّف فی استخراج ما فی بطون النّصّ الدّینیّ وطبقاته المعرفیّة.
5. العنایة الجادّة بتقدیم إجابات منظومة ومنهجیّة، على جمیع ما تثیره العلوم الإنسانیّة من أسئلة وإشکالیّات.
6. العمل على تطویر آلیّات الاجتهاد، وأدوات المنهج الاجتهادیّ؛ لتکون قادرة على الاستجابة الفعّالة لما ذکرنا من تحدّیات[13].
7. تعزیز الاجتهاد الفکریّ، وإیجاد آلیّات مؤسّسیّة للاجتهاد الجماعیّ، وبتعبیر آخر: تدشین مسار من الاجتهاد الجماعیّ الفکریّ والمؤسّسیّ القادر على القیام بتلک المهام، والاستجابة لتلک التّحدّیات.
8. العمل على جذب ذهنیّة الفقیه إلى مسارات العلوم الإنسانیّة، ومجالاتها، وإشکالیّاتها، ومجمل نتاجها؛ بما لذلک من تأثیر فی أولویّات الاجتهاد وتوجّهاته لدیه.
9. الاهتمام الجدّی والفعّال بإنتاج نظریّات ورؤى فی العلوم الإنسانیّة، تتمیّز بأصالتها ومعاصرتها، وقدرتها على الاستجابة لحاجات مجتمعاتنا العلم-إنسانیّة، وتلبیتها لهموم تلک المجتمعات، وما تنتظره من أفکار أصیلة، ونظریّات واقعیّة، ورؤى صائبة، تکون مستنداً ومقدّمة لکثیر من العمل التنمویّ، والإصلاحیّ، والتّطویریّ، وعلاج المشکلات القائمة؛ سواء أفی الحقل الاقتصادیّ، أم السّیاسیّ، أم الاجتماعیّ[14]...، أو بما یخدم هذه المجتمعات ومستقبلها وصلاحها.
[1] باحث فی الفکر الإسلامیّ، من لبنان.
[2] الخوئی، أبو القاسم: التّنقیح فی شرح العروة الوثقى، کتاب الاجتهاد والتقلید، ط2، قم المقدّسة، مؤسّسة إحیاء آثار الإمام الخوئی (قده)، 1426هـ.ق/ 2005م، ج1، ص9.
[3] بیشه فرد، مصطفى جعفر: الاجتهاد عند المذاهب الإسلامیّة: دراسة تحلیلیّة حول مدارس الاجتهاد ومناهجه وأدواره، ط1، بیروت، مرکز الحضارة لتنمیة الفکر الإسلامیّ، 2011، ص24.
[5] نصر حامد، أبو زید: نقد الخطاب الدّینی، ط2، القاهرة، سینا للنّشر، 1994م، ص118.
[6] بیشه فرد، الاجتهاد عند المذاهب الإسلامیّة، م.س، ص27.
[7] للمزید من التفصیل عن المجتهد والاجتهاد والتّجدید فی مناهجه، انظر: العبادی، إبراهیم: الاجتهاد والتّجدید: دراسة فی مناهج الاجتهاد عند الإمام الخمینی والشّهیدین المطهّری والصّدر، کتاب: قضایا إسلامیّة معاصرة، الکتاب الثّانی، قم المقدّسة، 1998م.
[8] سورة النّحل، الآیة 89.
[9] سورة الأنعام، الآیة 59.
[10] الحرّ العاملی، محمد بن الحسن: الفصول المهمّة فی أصول الأئمّة، تحقیق وإشراف: محمّد بن محمّد الحسین القائینی، ط1، قم المقدّسة، مؤسّسة "معارف اسلامى امام رضا (ع)"، 1418هـ.ق، ص480.
[11] انظر فی هذا المورد: قریشی نسب، طه: "تأصیل منهج أسلمة العلوم الإنسانیّة -قراءة فی أطروحة آیة الله الشّیخ محمّد تقی مصباح الیزدی": مجلّة الحیاة الطیّبة، فصلیّة تخصّصیّة، بیروت، العدد26، صیف-خریف 2012م، ص79-102.
[12] انظر فی هذا الموضوع: الموسوی، مهدی: "مشروع إنتاج العلوم الإنسانیّة الإسلامیّة -قراءة فی فکر الإمام الخمینی (قده)-"، مجلّة الحیاة الطیّبة، فصلیّة تخصّصیّة، بیروت، العدد26، صیف-خریف 2012م، ص15- 32؛ الموسوی، مهدی: "خارطة طریق الوصول إلى علوم إنسانیّة إسلامیّة- قراءة فی فکر الإمام الخامنئی (دام ظلّه)-"، مجلّة الحیاة الطیّبة، فصلیّة تخصّصیّة، بیروت، العدد27، شتاء-ربیع 2013م، ص13-39.
[13] انظر فی هذا الموضوع: مرتکزات الاجتهاد المعاصر ومبانیه: ندوة حواریّة مع نخبة من علماء الحوزة والجامعة، مجلّة الحیاة الطیّبة، فصلیّة تخصّصیّة، بیروت، العدد6-7، ربیع-صیف 2001م، ص15-75.