قراءة علمیّة فی کتاب
الشیخ أمین یوسف[1]
بطاقة الکتاب:
- اسم الکتاب: محمد باقر الصدر من فقه الأحکام إلى فقه النظریّات.
- المؤلّف: صائب عبد الحمید.
- بیانات النشر: ط2، بیروت، مرکز الحضارة لتنمیة الفکر الإسلامیّ، (304 صفحات).
أولاً: محتوى الکتاب:
موضوع هذا الکتاب هو میادین التَّجدید الفکریّ عند الشهید محمد باقر الصَّدر (قده)، بما توافرت علیه من منهجیّة جدیدة جمعت بین الأصالة والتَّجدید. ویدّعی المؤلِّف أنّ الشهید الصدر (قده) قدّم منطقًا جدیدًا لأصول المعرفة أسماه «منطق الاستقراء» ووظّفه توظیفًا علمیًّاً دقیقاً فی اختیار المنهج فی التفکیر، وأنّه یمکن من خلاله إعادة بناء علم الکلام الإسلامیّ، کما یدّعی أنّه أسّس بناءً جدیداً فی المعارف الإسلامیّة، شکّل نقلةً جوهریّةً إلى ما أسماه «فقه النظریّة»، حیث اجتهد فی اکتشاف النظریّة الإسلامیّة فی میادین متعدّدة، ما تزال المدرسة الإسلامیّة فی أمسِّ الحاجة إلیها.
وقد رکَّز المؤلّف على بیان التکامل المعرفیّ بین سائر أوجه الحیاة؛ کما تعکسه النظریّة الإسلامیّة. وعلى بیان الأساس المتمثّل بالنقلة الجوهریّة فی التعامل مع النَّصّ، من حدود اللفظ والمعنى اللغویّ، إلى آفاق البُعد الاجتماعیّ والأهداف العلیا، فی ما أسماه الشهید الصَّدر (قده) بـ«رُوح الشریعة».
وتُعدّ هذه الدراسة محاولة من المحاولات التی تناولت جوانب من فکر الشهید الصدر (قده)، ویُشکر المؤلّف على جهوده وعلى التفاتته إلى دراسة فکر شخصیّة تستحق الدراسة کلّ الاستحقاق؛ بل وتستحقّ التعمّق فی ما قدّمته من طروحات فکریّة نستطیع القول إنّها تؤسّس الطریق وتمهّده لتأسیس مدرسة جدیدة فی آلیّات التعامل مع النصّ الدینیّ، یمکن من خلالها تقدیم نظریّات إسلامیّة متکاملة بمنهج اجتهادیّ جدید یشمل الموضوعات الحیاتیّة کافّة.
ویتألّف الکتاب من مقدّمة وبابین وخاتمة:
- المقدمة: التجدید: الضرورة والإشکالیّة: یشرح المؤلّف فیها معنى التجدید، ومعنى الاجتهاد وشروطه المختلفة، وتحوی مدخلاً تمهیدیّاً یتناول سیرة الشهید الصدر (قده) ومحیطه الاجتماعیّ والسیاسیّ.
- الباب الأوّل: التجدید فی المنهج وبناء النظریّة الإسلامیّة: یتناول المؤلّف فی هذا الباب النِّتاجَ الفکریَّ عند الشهید الصَّدر (قده) من خلال أبحاثه فی بناء النظریّة فی مجالات عدّة، ویقسّم هذا الباب إلى أربعة فصول:
- الفصل الأوّل: نظریّة المعرفة وإعادة صیاغة علم الکلام الإسلامیّ: یعرض المؤلّف فیه -باختصار وترکیز- نظریّة المعرفة وجوهر فکرة الشهید الصَّدر (قده) فیها.
- الفصل الثانی: فقه النظریّة أو الأفق الاجتماعیّ فی الفقه: یدرس فیه المؤلّف النَّقلة النوعیّة فی الفقه الإسلامیّ، من إطاره التقلیدیّ الفردیّ إلى الإطار الحیویّ الاجتماعیّ، وعلاقة ذلک بالنظریّة الإسلامیّة، وما قدّمه السید الصدر (قده) فی هذا المجال.
- الفصل الثالث: النظریّة القرآنیّة: یعرض فیه المؤلّف مشروع بناء النظریّات القرآنیّة فی میادین الفکر والحیاة المختلفة التی تناولها القرآن الکریم، کما فهمها الشهید الصدر (قده).
- الفصل الرابع: النظریّة القرآنیّة فی تفسیر التاریخ: ویعرض فیه، بشکل عام، وجهات النظر المختلفة فی تفسیر التاریخ فی الفکر الإسلامیّ، وبشکل خاصّ، نظریّة الشهید الصّدر (قده) فی "السنن التاریخیّة".
- الباب الثانی: المشروع السیاسیّ: یختصّ بمیدان الفکر السیاسیّ، ویقسّم إلى فصلین:
- الفصل الأوّل: الفکر السیاسیّ الإسلامیّ الحدیث والمعاصر: یُسلّط المؤلّف فیه الضوء على الفکر السیاسیّ الإسلامیّ الحدیث والمعاصر بشکل عامّ.
- الفصل الثانی: النظریّة السیاسیّة عند الصدر وتطوّرها: یستوعب هذا الفصل بُنیة النَّظریّة السیاسیّة عند الشهید الصَّدر (قده).
- الخاتمة: خرج فیها المؤلّف بخمس توصیات مهمّة؛ خلاصتها: ضرورة إعادة النظر فی المناهج المتّبعة فی التعامل مع التراث، مع ترکیز الاهتمام على البعد الاجتماعیّ فی النصّ الدینیّ.
ثانیاً: أبرز طروحات الکتاب:
المقدّمة (من صفحة 9 إلى صفحة 64):
1- عرّف الکاتب التجدید بأنّه حرکة واعیة وإرادة فاعلة وطامحة للنهوض بالحاضر والتأثیر فی المستقبل لإحلال قیم جدیدة، ناتجة عن ثقافة متجذّرة فی النفوس لا تعرف الاستسلام. وبعبارة أخرى: التجدید هو الاجتهاد المتواصل فی المیادین کلّها، ولیس فی علوم الشریعة وحدها[2].
أمّا الاجتهاد فیکون على مستویین: "اجتهادُ خُصوص"؛ أی اجتهاد المختصّین الخبراء فی میادین تخصّصاتهم، و"اجتهاد عموم"؛ أی اجتهاد عموم الناس فی کلّ ما له صلة بشؤونهم الحیاتیّة، ومنها المعرفیّة.
2- یقسّم المؤلّف الاجتهاد إلى مطلق وجزئیّ، ویرى أنّ فقهاء السنّة ابتُلوا بالاجتهاد الجزئیّ التابع للقواعد المعدّة فی القرون المتقدّمة، وأمّا فقهاء الشیعة فهم یتبنّون الاجتهاد المطلق، نظریّاً؛ ولکنّهم عملیّاً لا یختلفون عن أشقّائهم فی المدرسة الفقهیّة السنّیّة، وهذه هی العقدة الرئیسة بنظره فی عملیّة إنتاج المعرفة.
ویعلّل المؤلّف سبب المشکلة بأنّ مناهجنا التعلیمیّة قائمة على التلقین لا على الاجتهاد، لذا تعثّرت حرکة الاجتهاد ومساعی التجدید.
3- یقول المؤلّف إنّ الحلّ یکون بتجدید من الداخل (إعادة قراءة تراثنا قراءة موضوعیّة أکادیمیّة) قادر على المحافظة على هویتنا من جهة، وعلى استیعاب المتغیّرات ومواکبة تیار النهضة العالمیّة من جهة أخرى. وبعبارة أخرى: تشکیل الفکر الإسلامیّ وفق دعائم ثلاثة:
أ- اعتماد فقه مقاصد الشریعة أو روح الشریعة.
ب- اعتماد علم کلام جدید مرتکزاً على المنطق الاستقرائیّ الجدید بدل المنطق الأرسطیّ.
ج- إعادة کتابة التاریخ الإسلامیّ برمّته لکونه مادّة الثقافة والفقه وعلم الکلام.
4- عرض المؤلّف فی مدخل تمهیدیّ من المقدّمة سیرة الشهید الصدر (قده) وشأن أسرته على الصعیدین العلمیّ والسیاسیّ. ثمّ تعرّض إلى البیئة السیاسیّة التی نشأ فیها السید الصدر (قده) فی النجف الأشرف، وکیف عایش الأحداث السیاسیّة کلّها فی العراق، وتفاعل معها سلباً وإیجاباً. بعد ذلک تکلّم عن مکانة الصدر (قده) العلمیّة واجتهاده المبکر فی عامه السابع عشر. ثمّ سرد عناوین أهمّ مؤلّفاته وأبحاثه، خصوصاً کتاب «فلسفتنا» (1959م) الذی کان صاعقة کبرى فی وجه الشیوعیّة التی کانت فی أوجّها فی العراق، حیث ناقش فیه بعمق أصول المدارس الفلسفیّة المادّیّة بشکل عامّ، والمادّیّة الجدلیّة بشکل خاصّ، ثمّ تلاه کتاب «اقتصادنا» (1961م)، والذی قوّض فیه شبح النظریّة الاقتصادیّة المارکسیّة.
الباب الأوّل: التجدید فی المنهج وبناء النظریّة الإسلامیّة (من صفحة 67 إلى صفحة 206):
1- بیّن المؤلّف مذهب السید الشهید (قده) فی إنتاج المعرفة، وهو «المنهج الذاتیّ»، وخلاصة هذا المذهب أنّ ثمّة مبدأین عقلیّین قَبْلیّین فقط تستند إلیهما المعارف البشریّة؛ هما: مبدأ عدم التناقض، وبدیهیّات حساب الاحتمال. وعملیّة إنتاج المعرفة تکون باستنتاج معارف ثانویّة من استقراء المصادیق عبر التوالد الذاتیّ؛ لتنتج تعمیماً استقرائیّاً. وبعبارة أخرى: العلم بالتعمیم ینشأ فقط عن طریق العلم بالأمثلة والشواهد المستقرأة، من دون الحاجة إلى الرجوع إلى القضایا الأوّلیّة. وقد طبّق السید الشهید (قده) هذا المنهج فی تولید المعارف فی علم الکلام، أی اعتمده منهجاً للاستدلال على أصول الدین؛ کوجود الصانع مثلاً[3].
2- عرض المؤلّف نظریّة السید الشهید (قده) فی فهم النصّ؛ وهی نظریّة «الفهم الاجتماعیّ للنصّ» مقابل الفهم أو الفقه الفردیّ للنصّ المبتلى فیه الاجتهاد الإسلامیّ. ویبدأ الفهم الاجتماعیّ للنصّ من حیث ینتهی دور الفهم اللفظیّ واللغویّ له، لیقرأ فی الخطوة الثانیة من خلال الارتکاز الاجتماعیّ، فیعطی ثمرات جدیدة. والفهم الاجتماعیّ للنصّ یتعاضد مع مبدإٍ ثانٍ شیّده الشهید الصدر (قده)، وهو مبدأ «روح الشریعة»؛ أی استکشاف مبادئ عامّة ومشترکة من خلال الأحکام الجزئیّة تسعى الشریعة إلى تحقیقها والحفاظ علیها، فیشرّع الفقیه على أساس ذلک أحکاماً أخرى تحقّق هذا الهدف المبتغى[4].
3- فقه النظریّة هو من المسائل التی أدرک الشهید الصدر (قده) أهمّیّتها باکراً، وهو بدیل عن الفقه التجزیئیّ السائد الذی لا یستطیع أن یقدّم نظریّات الإسلام فی الموضوعات الحیاتیّة المختلفة، وقد مارس السید الشهید (قده) هذا المنهج فی استنباط النظریّة الإسلامیّة فی الاقتصاد؛ وخلاصته: أنْ یستکشف الفقیه البناءات العلویّة للشریعة، عبر تناول الأحکام المرتبطة بالموضوع المعالجة، مع الأخذ بعین الاعتبار وجود منطقة فراغ فی الشریعة ترکها المشرّع للحاکم؛ لکی یملأها[5].
4- تمیّز الشهید الصدر (قده) بتنظیره لاستنباط نظریّة الإسلام فی الموضوعات وطبّقها فی القرآن الکریم -ضمن ضوابط-، لیستنبط النظرة القرآنیّة إلى الموضوعات المختلفة، من دون أن یبدأ عمله من النصّ القرآنیّ؛ بل یکون انطلاقه من واقع الحیاة، محاولاً أن یوحِّد بین التجربة البشریّة وبین القرآن الکریم[6].
5- على صعید فلسفة التاریخ، استعرض المؤلّف نظریّة الصدر (قده) الخاصّة فی هذا المجال، وخلاصتها: أنَّ المحتوى الداخلیّ للإنسان (الفکر والإرادة) هو الأساس فی حرکة التاریخ، وأنَّ حرکة التاریخ حرکة غائیّة مرتبطة بهدف، ولیست سببیّة فقط؛ أی إنَّها حرکة مشدودة إلى المستقبل، فالمستقبل هو المحرِّک لأیِّ نشاط من أنشطة التاریخ. وهذا المستقبل معدوم فعلاً؛ وإنَّما یتحرَّک من خلال الوجود الذهنیّ الذی هو الحافز والمحرِّک والمدار لحرکة التاریخ؛ إذ یمتزج فی هذا الوجود الذهنیّ الفکر والإرادة، وبامتزاجهما تتحقَّق فاعلیّـة المستقبل وتحریکه؛ إذاً فالعلاقة بین المحتوى الداخلیّ للإنسان (الفکر والإرادة) وبین البناء الفوقیّ والتاریخیّ للمجتمع، هی علاقة تبعیّة، أی علاقة سبب بمسبِّب؛ فکلُّ تغیُّر فی البناء الفوقیّ والتاریخیّ للمجتمع إنَّما هو مرتبط بتغیُّر هذا المحتوى الداخلیّ للإنسان.
الباب الثانی: المشروع السیاسیّ (من صفحة 209 إلى صفحة 288):
1- تشکّل الحکومة الإسلامیّة فی نظر السید الصدر (قده) ضرورة دینیّة وحضاریّة فی آن واحد، حیث کان یرى -فی مرحلة نشاطه السیاسیّ الأوّل- ضرورة العمل الحزبیّ؛ لأنّه الأسلوب الأفضل والأکثر تأثیراً فی نشر الفکر الإسلامیّ، وهو ما قاده إلى تحدید ثلاث مراحل لحزب الدعوة الإسلامیّة الذی أسّسه؛ وهی: مرحلة التکوین والتغییر الفکریّ للأمّة، ثمّ مرحلة العمل السیاسیّ، ثمّ مرحلة استلام الحکم.
2- بخصوص أساس نظام الحکم، تنقّل السید الصدر (قده) بین نظریّات ثلاث فی مراحل عمله السیاسیّ، فبدأ باعتماد «نظریّة الشورى»، ووثّق ذلک فی الأسس التی کتبها لحزب الدعوة، ثمّ تخلى عن مبدأ الشورى لیتبنّى نظریّة «ولایة الفقیه»، لیعود ویتبنّى فی نهایة المطاف نظریّة وسطیّة تجمع بین مبدأَی الشورى وولایة الفقیه، وقد انعکس ذلک فی بحوثه الأخیرة التی ضمّنها کتابه «الإسلام یقود الحیاة».
3- بناءً على النظریّة الوسطیّة التی تبنّاها الشهید الصدر (قده)، فقد حدّد المفاصل الأساسیّة فی دستور الدولة الإسلامیّة بالآتی:
أ- الله سبحانه هو مصدر السلطات جمیعاً.
ب- الشریعة الإسلامیّة هی مصدر التشریع، وبعبارة أخرى: أحکام الشریعة الثابتة تعدّ -بقدر صلتها بالحیاة الاجتماعیّة- جزءاً ثابتاً من الدستور؛ سواء نُصّ علیها صریحاً فیه أم لم یُنصّ. ثمّ إنّ کلّ موقف للشریعة یحتوی على أکثر من اجتهاد یعتبر فیه البدائل، ویکون اختیار البدیل المناسب بعهدة السلطة التشریعیة. وفی حالات عدم وجود موقف حاسم فی الشریعة الإسلامیّة، تسنّ السلطة التشریعیة ما تراه صالحاً من القوانین، على أن لا یتعارض مع الدستور.
ج- السلطتان التشریعیّة والتنفیذیّة قد أُسندت ممارستهما إلى الأمّة.
د- المرجع هو النائب العامّ عن الإمام من الناحیة الشرعیّة، فیکون هو الممثّل الأعلى للسلطة والقائد الأعلى للجیش، ویرشّح أو یمضی ترشیح الأفراد الذین یتقدّمون للفوز بمنصب رئاسة السلطة التنفیذیّة.
هـ- الأمّة هی صاحبة الحقّ فی الرعایة وحمل الأمانة، والخلافة العامّة لها، ولکنّ کلّ ذلک یکون تحت إشراف المرجع.
4- مواصفات المرجع بنظر السید الصدر (قده)، والتی -حسب ما یراه المؤلّف- لم یفصل فیها الشهید (قده) مراعاة للعرف العامّ وللجوّ الحوزویّ السائد. هذه المواصفات ذکرها الشهید (قده) بتلمیحات وباختصار، وهی:
أ- أن یکون عالماً على مستوى استیعاب الرسالة.
ب - أن یکون عادلاً على مستوى الالتزام بها والتجرّد عن الهوى.
ج - أن یکون واعیاً وبصیراً بالواقع القائم المعاصر له وکفؤاً فی ملکاته النفسیّة.
ثالثاً: تقویم الکتاب:
بعد قراءة الکتاب بشکل تفصیلیّ، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المؤلّف لم یکن من المختصّین بعلوم الشریعة فی بدایة مسیرته العلمیّة؛ بل کان تخصّصه فی علم الفیزیاء، کما إنّه لم یکن معایشاً للبیئة الشیعیّة بکادریها الحوزویّ والشعبیّ، ولکنّنا نجده – على الرغم من ذلک کلّه- محیطًا بشخصیّة الشهید الصدر (قده) العلمیّة وببیئته الحوزویّة والسیاسیّة المحیطة به، ومطّلعاً بشکل کبیر على نظریّاته، وفاهماً لها، وقد عرضها خیر عرض؛ لذا فالکتاب یُشاد به، وهو مفید ومهمّ، ولا محیص عن قراءته بشکل تفصیلیّ وبتدبّر.
ویمکن تسجیل مأخذ على المؤلّف؛ وهو أنّه أسهب فی عرض سیرة الشهید الصدر (قده) بما یقارب (34 صفحة)، ولا یمکن إنکار فائدتها، إلا أنّه کان من الأفضل لو استغنى عنها حرصاً على علمیّة الکتاب؛ إذ إنّ غرض الکاتب -کما بیّن هو- عرض أهمّ نظریّات الشهید الصدر (قده)، وهذا یتنافى مع الإسهاب فی ذِکْر سیرته.
کما یمکن تسجیل مأخذ آخر علیه؛ وهو أنّه توسّع فی ذِکر مقدّمات تمهیدیّة قبل استعراض نظریّات الشهید الصدر (قده)، وکان یمکنه الإجمال فیها للتوسّع أکثر فی ذکر الأمثلة التطبیقیّة لنظریّات الشهید الصدر (قده)؛ فلعلّ هذا فیه فائدة أکثر للقارئ.
ویُشهد للمؤلِّف أمانته العلمیّة ودقّته فی الإحالة إلى المصادر والمراجع، کما یُشهد له تتبّعه آثار الشهید الصدر (قده) وکلماته، حیث اعتمد فی استیضاح نظریّاته على کلماته نفسها، لا على ما کُتِبَ من شروحات علیها.
کما یُشهد للکاتب لغته العلمیّة الرصینة والواضحة، التی یستسیغها القارئ، فلا یملّ من قراءة الکتاب.
وفی النهایة یُشکر المؤلّف على جهده فی دراسته هذه، على أمل أن یستکملها بدراسات أوسع وأعمق عن هذه الشخصیّة العلمیّة الفریدة، والله من وراء القصد.
[1] باحث فی الفکر الإسلامیّ، من لبنان.
[2] لم یعطِ المؤلّف هنا تعریفًا اصطلاحیّاً جامعاً مانعاً للتجدید.
[3] یمکن مراجعة دلیل السید الشهید على وجود الصانع بالمنهج الاستقرائی فی الکتاب، ص82-83.
[4] یمکن مراجعة بعض من هذه الأهداف فی الکتاب، ص112-115.
[5] لمراجعة شیء من الأمثلة على منطقة الفراغ، انظر، ص123.
[6] لمراجعة أنموذج تطبیق لهذا المنهج، انظر: الکتاب، ص162.